تعتبر الصحة النفسية أحد أساسيات الحياة المتوزنة و لا تقل أهميتها عن أهمية الصحة الجسدية حيث انها تؤثر بشكل مباشر على التصرفات اليومية و طريقة التفكير و مشاعر الإنسان و عند حدوث أي خلل فى الحالة النفسية ينعكس ذلك على الجسم و أجهزته الحيوية مثل الإصابة باضطراب فى الجهاز الهضمي.
لذلك فإن الحفاظ على الصحة النفسية فى حالة مستقرة يعتبر خطوة رئيسية فى الحصول على حياة متوازنة و جسم سليم ، و أن العلاقة بين العقل و الجسد علاقة جوهرية مسئولة عن الوقاية من الكثير من الأمراض المزمنة.
العلاقة بين العقل و الجسد
تعتبر العلاقة بين العقل و الجسد من أكثر العلاقات المعقدة فى حياة الانسان حيث انهما يرتبطان ارتباطاً وثيقاً ببعضهما و أي تأثير يقع على أحدهما ينعكس مباشرة على الآخر و ذلك لأن العقل هو المسئول عن استجابات الجسم الحيوية فيتأثر بحالة الجسم الصحية.
الصحة النفسية و جودة الحياة الجسدية
تلعب الصحة النفسية دوراً هاماً فى تحديد جودة الحياة الجسدية حيث انها لا تضمن راحة البال فقط بل يمتد آثارها إلى سلامة الجسد و تحسين وظائفه الحيوية.
يظهر ذلك على الانسان المتزن نفسياً فهو يكون أكثر عناية بجسده و يتبع عادات صحية تمنحه النشاط و الحيوية مما ينعكس على جودة حياته اليومية ، بينما الأشخاص الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب فهم غالباً ما يهملون وجباتهم اليومية مما يضعف جهازهم المناعي و هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
كيف يؤثر التوتر النفسي على وظائف الجسم
يعتبر القلق أو التوتر النفسي من أكثر الأمراض النفسية التي تؤثر على وظائف الجسم الحيوية بالسلب حيث يفرز فيها كميات عاليه من هرمون الأدرينالين و الكورتيزول فيرتفع ضغط الدم و يزيد من معدل ضربات القلب و توتر العضلات و مع الوقت يتأثر الجسم من هذه الحالة مسبباً ضعف العضلات و الإصابة باضطرابات فى القلب.
كما أن القلق أو التوتر يسبب أعراض آخرى تظهر على الجسد مثل الصداع و الأرق المزمن و ضعف العضلات بالإضافة إلى التأثير العميق على الجهاز الهضمي مسبباً الإصابة باضطرابات القولون العصبي و تغيرات فى الشهية و يصبح الجسم أكثر عرضة للالتهابات.
الصحة النفسية و امراض القلب

تسبب العديد من الأمراض النفسية الإصابة بأمراض القلب و الأوعية الدموية حيث ان العقل و القلب يرتبطان بشكل مستمر من خلال الجهاز العصبي فعندما يعاني الإنسان من الاكتئاب أو الضغوطات النفسية فذلك يسبب ارتفاع فى ضغط الدم و تضيق الأوعية الدموية.
مع مرور الوقت ، يتسبب هذا الإجهاد إلى إضعاف عضلة القلب مما يزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض مثل الذبحة الصدرية أو تصلب الشرايين و النوبات القلبية ، لذلك ينصح دائماً بتحسين الصحة النفسية للوقاية من أمراض القلب و الأوعية الدموية.
تأثير الصحة النفسية على الجهاز الهضمي
يرتبط الدماغ و الأمعاء بعلاقة وثيقة تعرف باسم محور الدماغ و الأمعاء و هى تواصل مباشر يتم من خلال الأعصاب و المواد الكيميائية و الهرمونات المفرزة فى الدم فعدما يصاب الإنسان بالاكتئاب أو التوتر يرسل المخ إشارات عصبية تؤثر على حركة الجهاز الهضمي مسببة بعض الألم فى المعدة.
من أشهر الأمثلة على هذه العلاقة هى تأثير التوتر و القلق على حركة الأمعاء مسبباً بعض الاضطرابات مثل الإمساك أو الإسهال و الارتجاع المتكرر بالإضافة إلى تفاقم حالات القولون العصبي و قد يسبب فقدان الشهية لبعض الأشخاص أو الإفراط فى تناول الطعام لأشخاص آخرين.
القلق و ضعف الجهاز المناعي
يؤثر القلق الزائد بشكل مباشر على صحة الجهاز المناعي حيث ان القلق يتبعه إفراز هرمون الكورتيزول فى الدم و إذا استمر هذا الوضع يتحول إلى رد فعل طبيعي من الجسم فيرتفع مستوى الكورتيزول فى الدم مسبباً الإصابة ببعض الامراض.
حيث أن ارتفاع الكورتيزول يؤثر على كفاءة عمل الخلايا المناعية المسئولة عن مهاجمة العدوات البكتيرية و الفيروسية مما يؤثر على صحة الجهاز المناعي و قد يصعب التئام الجروح و مقاومة العدوات فيصبح الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
تأثير التفكير الايجابي على صحة الجسد
يعتبر التفكير الإيجابي من أهم العوامل التي تساعد فى تحسين الصحة الفسية و التي تنعكس مباشرة على صحة الجسد خارجياً و صحة أعضاء الجسم داخلياً حيث أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يتمتعون بالتفاؤل يتميزون بأنهم أكثر صحة.
عندما يفكر الإنسان بأسلوب صحي و إيجابي يتم إفراز مادتي السيرتونين و الإندورفين المعروفان بإسم هرموني السعادة فهما يعملان على تحسين الحالة المزاجية و تحسين جودة النوم و تعزيز القدرة على التعافي من الأمراض.
اضطراب النوم الناتج عن الامراض النفسية

اضطرابات النوم هى أحد أكثر الأعراض شيوعاً للأمراض النفسية حيث ان الحالة النفسية ترتبط بجودة النوم فعندما يعاني الإنسان من حالات الاكتئاب أو القلق أو حالات اضطراب ما بعد الصدمة و القلق المزمن يكون الدماغ فى حالة يقظة و أكثر تفكيراً مما يمنعه من الدخول فى مراحل النوم و يصاب بالأرق.
و ذلك بسبب حدوث تغيير فى كيمياء الدماغ أو خلل إفراز النواقل العصبية مثل الدوبامين و السيرتونين و هى المواد المسئولة عن تنظيم دورات النوم كما ان زيادة إفراز الكورتيزول فى حالات القلق و التوتر تسبب اليقظة و مع مرور الوقت يسبب الأرق و الإجهاد البدني و الذهني للمريض.
و بعض الحالات النفسية الآخرى يميل المريض إلى النوم المفرط ليكون الوسيلة الوحيدة للهروب من الواقع مثل حالات اضطراب النوم القهري.
طرق للحفاظ على توازن النفس و الجسد
الحفاظ على الصحة النفسية و الجسدية يحتاج إلى حياة متوازنة ، و لتحقيق هذا التوازن ينصح باتباع هذه الطرق:
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لزيادة طاقة الجسم.
- ممارسة تمارين التأمل و الاسترخاء لتنشيط الدماغ.
- تناول وجبات طعام صحية متوازنة.
- تنظيم جدول للنوم للحصول على قسط كافي من النوم.
- تحسين العلاقات الاجتماعية.
- ممارسة الهوايات و الأنشطة.
اسئلة شائعة عن الصحة النفسية و الجسدية
هل التوتر النفسي يسبب أمراض جسدية؟
نعم ، لأن حالات التوتر المزمن تسبب ارتفاع فى ضغط الدم و الإصابة باضطرابات فى الجهاز الهضمي و الجهاز المناعي كما انها تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب المزمنة.
ما علاقة الحالة النفسية بصحة الجهاز الهضمي؟
يرتبط العقل مع المعدة بمحور عصبي لذلك فعدما يشعر الإنسان بالقلق أو التوتر تبدأ المعدة فى إفراز كميات أكبر من الحمض المعدي و يشعر المريض بألم فى المعدة بالإضافة إلى ألم القولون العصبي.
ملخص المقالة
فى النهاية ، فإن الصحة النفسية و الصحة الجسدية هما وجهان لعملة واحدة و لا يمكن تحقيق التوازن فى أحدهما دون الآخر فالصحة النفسية هى أساس للحصول على حياة متوازنة حيث ان الأمراض النفسية تسبب أمراضاً جسدية و التفكير الإيجابي يحسن من الصحة العامة للجسد و يعزز المناعة.