الصفرا عند الرضع من أكثر الحالات الطبية شيوعا بعد الولادة مباشرة، وغالبا ما تظهر خلال الأيام الثلاثة الأولى من حياة الطفل وهي حالة يلاحظ فيها الأهل اصفرار الجلد وبياض العينين، وتحدث نتيجة ارتفاع مادة تسمى البيليروبين في دم الرضيع.
هذه المادة تنتج عن تكسير كرات الدم الحمراء، والجسم يتخلص منها عبر الكبد، لكن الكبد عند حديثي الولادة يكون غير مكتمل النضج، فيؤدي ذلك إلى تراكمها ورغم أن أغلب حالات الصفرا طبيعية وتختفي تدريجيا.
إلا أن بعض الأنواع قد تكون مرضية وتشكل خطورة إذا لم تعالج لذلك، من المهم أن تعرف الأم علامات الصفرا، ومتى تصبح مقلقة، وكيفية التعامل معها بشكل سليم.
طريقة التعرف على الصفرا عند الرضيع

الأمهات عادة يلاحظن أولا اصفرار بشرة الطفل خاصة في الوجه والعينين، ويزداد هذا الاصفرار مع مرور الأيام ليشمل الجسم كله. في البداية قد يكون الاصفرار خفيفا.
ويظهر فقط في ضوء النهار، لكن مع ارتفاع نسبة الصفرا يصبح واضحا بالعين المجردة. إذا بدأ الاصفرار من الوجه ثم امتد إلى الصدر والبطن والأطراف، فهذا يشير غالبا إلى زيادة نسبة البيليروبين.
هل الصفرا عند الرضع طبيعية ولا مرضية؟
هناك نوعان أساسيان:
الصفرا الطبيعية (الفسيولوجية): شائعة جدا، وتظهر عادة بعد يومين إلى ثلاثة أيام من الولادة وتختفي تدريجيا خلال أسبوعين من دون تدخل طبي في معظم الحالات.
الصفرا المرضية: تبدأ في أول 24 ساعة من حياة الطفل أو تستمر لفترة أطول من الطبيعي، وقد تكون ناتجة عن التهابات، مشاكل في الدم، او أمراض بالكبد والقنوات الصفراوية وهذا النوع يحتاج متابعة دقيقة مع الطبيب.
هل الصفرا تسبب نوم الطفل الكتير؟
الرضع المصابون بالصفرا غالبا يكونون أكثر ميلا للنوم والخمول ،أحيانا تجد الأم صعوبة في إيقاظ طفلها للرضاعة، وهذا يؤدي إلى مشكلة أكبر لأن قلة الرضاعة تقلل من قدرة الجسم على التخلص من البيليروبين.
لذلك، إذا لاحظت الأم أن طفلها ينام بشكل مفرط ويرفض الرضاعة، فهذه علامة تستوجب مراجعة الطبيب سريعا.
لون براز وبول الرضيع هل له علاقة بالصفرا؟
نعم، لون البول والبراز من العلامات المهمة التي تساعد في تشخيص الصفرا:
- البول قد يصبح غامقا أكثر من المعتاد.
- البراز قد يظهر بلون فاتح او باهت، وهو دليل على أن الكبد لا يعمل بكفاءة كافية للتخلص من البيليروبين.
- متابعة هذه التغيرات بشكل يومي تساعد في تقييم حالة الرضيع والتدخل المبكر إذا لزم الأمر.
هل الصفرا تأثر على الرضاعة؟
الصفرا غالبا تؤثر على قدرة الطفل على الرضاعة الطبيعية ،الطفل قد يرضع لفترات قصيرة جدا او يرفض الرضاعة تماما بسبب الخمول وهذا يفاقم المشكلة لأن البيليروبين يطرح من الجسم مع البراز، وكلما قلت الرضاعة قل التخلص منه.
لذلك ينصح الأطباء بزيادة عدد مرات الرضاعة الطبيعية لمساعدة الطفل على التعافي بسرعة، وإذا لم تكف الرضاعة قد يلجأ الطبيب إلى وسائل أخرى لدعم التغذية.
متى تحتاج الى التدخل الطبي؟
يجب الرجوع للطبيب ف الحالات التالية:
- إذا ظهرت الصفرا خلال أول 24 ساعة من الولادة.
- استمرار الاصفرار أكثر من 3 أسابيع.
- وجود خمول شديد وصعوبة واضحة في الرضاعة.
- ظهور تشنجات أو بكاء حاد غير معتاد.
- اصفرار الجسم بالكامل بدرجة قوية جدا.
- هذه الأعراض تدل على أن الصفرا وصلت إلى مرحلة قد تسبب مضاعفات خطيرة.
هل الصفرا ممكن تأثر على مخ الطفل؟
في بعض الحالات النادرة، إذا ارتفعت نسبة البيليروبين بشكل كبير ولم يعالج، قد يتراكم في المخ ويسبب مضاعفات تعرف باسم (الصفرا النووية). هذه الحالة خطيرة لأنها قد تؤثر على السمع والنمو العقلي والحركي للطفل ،لكنها نادرة الحدوث، وغالبا يمكن منعها بالمتابعة الطبية المبكرة والتدخل السريع.
طرق علاج الصفرا عند الرضع

العلاج يختلف حسب نوع الصفرا ودرجة شدتها:
- الرضاعة الطبيعية المتكررة: أهم وأبسط وسيلة للعلاج، لأنها تساعد على التخلص من البيليروبين عبر البراز.
- العلاج بالضوء (الفوتوثيرابي): يوضع الطفل تحت مصابيح خاصة تحول البيليروبين إلى صورة يسهل على الجسم التخلص منها.
- نقل الدم الجزئي: يستخدم في الحالات الشديدة جدا عندما لا تنجح الطرق الأخرى.
- علاج السبب الأساسي: إذا كانت الصفرا ناتجة عن عدوى او مشكلة في الدم او الكبد، يتم علاج السبب بجانب التحكم في الأعراض.
- المتابعة الدورية: قياس نسبة البيليروبين بانتظام لتحديد ما إذا كانت الحالة تتحسن او تحتاج لتدخل إضافي.
ملخص المقالة
الصفرا عند الرضع حالة شائعة لكنها تحتاج وعي من الأمهات لمتابعة أعراضها والتصرف بشكل صحيح ،وتبدأ عادة بظهور اصفرار في الوجه والعينين، وقد يصاحبها خمول، صعوبة في الرضاعة، وتغير في لون البول والبراز.
أغلب الحالات طبيعية وتزول تدريجيا، لكن هناك حالات مرضية قد تستمر او تظهر مبكرا وتحتاج متابعة دقيقة مع الطبيب ،العلاج يعتمد على الرضاعة المكثفة او العلاج بالضوء، وفي الحالات الشديدة قد يتطلب الأمر تدخل طبي أكبر.
الأهم هو عدم إهمال الحالة ومراجعة الطبيب فور ظهور علامات خطيرة، فالتشخيص المبكر يحمي الطفل من أي مضاعفات مستقبلية ويحافظ على نموه الطبيعي.